في خطوة أُعلن عنها وسط استمرار الحرب على قطاع غزة، استضاف الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ في مقر الرئاسة بالقدس، وفدًا من قيادات دينية إسلامية قادمين من أنحاء أوروبا. جاء هذا الاستقبال ضمن تبرير رسمي لــ«بناء الجسور والحوار»، ولكن سرعان ما تحوّل إلى زوبعة جدل في الأوساط الإسلامية، لا سيما بعد أن ضمّ الوفد إمامًا هولنديًّا من أصل مغربي، هو يوسف مصيبح، الذي أقدم على غناء النشيد الوطني الإسرائيلي باللغة العربية، ما دفع إدارة مسجده في ألكمار إلى إيقافه عن مهامه فورًا.
منظمو الزيارة وأهدافها المعلنة
نظّمت شبكة “إلنت” (شبكة الريادة الأوروبية) هذه الزيارة بالتنسيق مع السفارة الإسرائيلية في برلين، وشارك فيها أئمة من فرنسا، بلجيكا، هولندا، المملكة المتحدة وإيطاليا. وقادها الإمام الفرنسي من أصل تونسي حسن شلغومي، المعروف بمبادراته للحوار بين الأديان، وهدفها الظاهري “تخفيف التوتر الديني” عبر لقاء مع أعلى سلطة يهودية في إسرائيل.
يوسف مصيبح والغناء المثير للجدل
في خضم حفاوة الاستقبال رفع مصيبح صوته بغناء النشيد الإسرائيلي (“هاتيكفا”) بالعربية، ما اعتبره كثيرون انحرافًا عن الموقف الإسلامي الموحد تجاه القضية الفلسطينية. وقد صرّح مدير مسجد بلال ببلدة ألكمار، فور سماع التسجيل:
“ما قام به الإمام يخالف موقف الأمة ومبادئ المسجد. تم إيقافه للتحقيق وإعادة تقييم مهمته.”
ردود فعل المؤسسات الإسلامية
دفعت واقعة مصيبح عددًا من المؤسسات الدينية في أوروبا إلى إعلان تضامن مع الشعب الفلسطيني، وتأكيد أن “الحوار لا يعني الغناء أو تبني النشيد الوطني للاحتلال”. كما جددت رابطة علماء المسلمين وهيئات الأزهر تحفظها على أي تطبيع رمزي مع إسرائيل قبل وقف العدوان على غزة ورفع الحصار.
الجدل في منصّات التواصل
سرعان ما اجتاح سوشيال ميديا وسم #أئمة_أوروبا_للإحتلال، وتنوّعت التعليقات بين مستنكرين اعتبروها “خيانة رمزية” ورافضين لأي خطوة تشوبها شبهة شرعية أو وطنية، وبين من دافع عن حق “الحوار الديني” حتى مع أعداء الأمس.
قراءة نقدية: الحوار أم الانحياز؟
يبقى السؤال:
هل يكفي أن يُسمّى لقاء كهذا “حوارًا” وهو يتضمن تجاوزًا علنيًّا لموقف الأمة؟
يرى مراقبون أن الغناء للنشيد الوطني يخرج عن مفهوم الحوار المصون في الدراسات الإسلامية، ليتحوّل إلى تأييد سياسي مبطن، يربك ثوابت الجماهير المسلمة في أوروبا.
الخلاصة: حدود الشرعية في زمن الصراع
الزيارة – من تنظيمها إلى تفاصيلها – كشفت هشاشة الموازنة بين الدعوة للحوار وحماية المواقف الوطنية. وإيقاف الإمام يوسف مصيبح يذكّر بأن المؤسسات الدينية تراقب وتحاسب، وأن “بناء الجسور” لا يَغلب على “ثوابت الأمة” حين تُهان دماء الأبرياء في غزة.
