السباق المحموم لنيل السبق عن إعلان تصنيع أول لقاح لفيروس كورونا المستجد المسبب لكوفيد-19، إنها سابقة خطيرة في مجال البحث والتطوير؛ وهي محاولة ترخيص لقاح عبر تقنية حيوية لم تأخذ قدرا كافيا من التمحيص العلمي والأخلاقي وبسرعة غير مسبوقة لم تعهدها الأوساط العلمية من قبل، حيث لم يتم التحقق والنشر في المجلات العلمية المتخصصة كالعادة.
الفيروس وتبعا للمادة الوراثية، التي يحتويها ينتمي لمجموعة كبيرة تتميز بسرعة تحورها الجيني، وتعرف بالـ"فيروسات الريبوزية" (RNA viruses)، ولم تُفلح كل محاولات الماضي لإنتاج لقاح مُعتبر لأي منها؛ إلا ما هو قصير المدى بفاعلية محدودة جدا كلقاح فيروس الإنفلونزا على سبيل المثال.
بالنسبة للآثار الجانبية المتوسطة وبعيدة المدى لهذا اللقاح (mRNA)، الذي يُستخدم لأول مرة على الإنسان، فيمكن التنبؤ بها ولو نظريا على الأقل، والتي ستظهر بالتقادم الزمني خلال سنوات، فلا يعتقدن أحد بأن إدخال شيفرة وراثية وارتباطها بمركز تصنيع البروتينات الخلوي (الريبوسوم) سيكون بردا وسلاما، إذ يحتمل أن تحدث أمور نتوقعها وأمور خارج سياق التوقعات.
نحن أمام سابقة أصبحت الأمور فيها معكوسة، فتطوير اللقاح عادة ما يمر عبر متسلسلة زمنية تصاعدية يتطابق فيها العلمي والأخلاقي، فلا يختصران تحت أي مبرر كان، وتمحص فيها النتائج بدون تحيز ولا اعتبار إلا لما هو علمي بحت، وإلا فنحن أمام محاولات ظاهرها حل للجائحة وباطنها فيه شر مستطير سيبديه قابل الأيام .
الأمر برمته يشكل سابقة، وظهور أعراض بسبب هذه الحالة سيأخذ سنوات؛ على سبيل
المثال قد يؤدي ارتباط اللقاح بمراكز بروتينات شعر الرأس إلى حدوث صلع مبكر، وقد يؤدي ارتباطه بمراكز بروتين أنسجة الجلد إلى حدوث حالة تهتك والتهابات جلدية، وهكذا قد تزيد احتمالات حدوث ذلك كلما زادت جرعة تركيز اللقاح؛ فمن يملك دليل إثبات أو نفي ذلك عمليا في غياب أي سابقة للقياس عليها؟ حتما ما من أحد يملك ذلك في الوقت الراهن، وعليه فإن معرفة هذه الآثار الجانبية أو غيرها مرهون بتقادم زمني نرتقبه على وجل، وحينها يأتي الدليل الدامغ، الذي لا يقبل الشك؛ لكن قد يكون بعد فوات الأوان.
استخدام نسبة 90% كمعيار أوحد وإعلانه للملأ بدون ربطه بما هو أهم هو من باب (فسحروا أعين الناس)، واستغفلوهم وجاؤوا بلقاح عجيب! لغرض الترخيص "المتوقع" حصوله تحت "بند الاستخدام الطارئ" (emergency use authorisation) من إدارة الدواء والغذاء الأميريكة "إف دي إيه" (FDA)
سيمرر اللقاح قريبا لتبدأ حملة تطعيم عالمية ستكشف مصير اللقاح الحقيقي على ملايين البشر، وستظهر محدودية الفعالية خلافا لما ظهر إعلاميا (90%)؛ بل أقل بكثير وستكون لفترة قصيرة جدا (أشهر)، فالفيروس يَتغير باستمرار متقدما على اللقاح بخطوات، والأعراض الجانبية ستبدو أكثر وضوحا على فئات عمرية مختلفة، ومرد ذلك كله القفز على حقائق وثوابت البحث العلمي وأخلاقياته.
المصدر:
تحدير:جميع ما يقدم على موقع ’مجالكم’ هو من أجل هدف زيادة معلومات وثقافة ومشاركة، ولا ينبغي اعتبارها استشارة طبية. في أي حالات الشكوى الصحية يجب استشارة طبيب مختص.
مقالات دات صلة: